نار الفتنة من يطفئها..؟؟
تأصلت هذه الاختلافات في مجتمعنا و ساهمت بشكل مباشر في تقسيم المجتمع..
صحيح أن هذه الخلافات لا زالت موجودة..
و لكن وجود تلك اللعبة قد يستمتع فيها الكبار قبل الصغار و هي لعبة التيارات و الأحزاب أبعدنا الله عنهم و رد كيدهم في نحرهم ..
كنت قد استبشرت خيرا و فكرت أن هذا المجتمع الواعي سينشر الوعي لمن حوله لكن للآسف رأيت أن البعض يساهم بشكل كبير في تفرقة المجتمع و شحنه, ربما أكون أنا منهم
فقد أقول كلمة تساهم في ذلك لكني بدأت احتسب خطواتي كثيرا و حاولت تعديل سلوكي في تعاطي مع مثل هذه المواضيع ليس خوفا من شئ لكني لا أريد أن أساهم في فتنة تشتعل اكثر فاكثر و تزرع التفرقة و الكراهية في هذا المجتمع اكثر مما هي موجودة, فتذاكر الكراهية أصبحت توزع مجانا بيننا , سابقا كنا نعاني من التصنيف بين التيار الواحد تيار الملتزمين دينا وتيار القوميين الوطنيين شكلا وفكرا
فهذا إسلامي و هذا قومي و هذا أخواني و هذا ليبرالي و هذا سلفي و هذا علماني و هلم جرا , فكل تيار يكفر الآخر ويلقي عليه التهم بالمجان ويلبسه ثوب الفكر و الخروج عن الملة , فقط لأنهم كانوا بيادق و دمى بيد الكبار يعبثون بهم كما يشاءون من اجل مصالحهم الخاصة , ربما البعض قد لا يعرف أن هناك تقسيمات داخل التيار الواحد وهي متشعبة جدا و معقده بشكل جدي وليس هناك مجال لشرحها الآن , و لكن كانت موجودة ففي بعض المنتديات كنت خير شاهدا, فمن خلال تواجدي كزائر..
كرهت و الله بعض المشايخ و بعض الأشخاص مع أنى لم أتأكد من صحة ما قرأت عنهم و لم أتعمق في دقة كلامهم بسبب تحذير أولئك من التعرف عليهم لأنهم شر محض , فتجنبتهم خشية الفسق و أن لا أكون علمانيا أو متطرف في ديني , ويلبس علي في ديني و اصبح مثلهم من الضالين المضلين
أصممت أذني عن سماعهم لأنهم فقط بمقالة واحدة أتوا بمساوئ و صفات و ألفوا قصصا قيلت في هؤلاء , و روجوا لها على نطاق واسع بتعاون مع شلل محترفه تجدها في كل موقع يعملون باحترافية لا تخطر على عقل , حتى اقتنعت أنت بأنهم في هذه الدرجة سيئون , فتكرار الأمر عليك يقنعك بصحته خصوصا إذا وجدت أن الأمر نفسه يتردد عليك كثيرا اكثر من مرة و بأشكال مختلفة لا مجال لديك سوى أن تصدق أن ما يقولون هي الحقيقة , و لكن متى ستفهمون ..!
متى ستفهمون أن ما يحصل كله خطا و كله فتنه و نحن وقودها الذي يحركها, نحن من يساهم في تأجيجها و نحن أول من سيحترق بها .
لذا نحن حقا ننشد الإصلاح فلنكن مصلحين بمعنى الكلمة و لا نكن مخربين بهدف الإصلاح , فحينما نقوم بوضع المجهر على أمور صغيرة و نكبرها و نعظمها و نزيد سوءها سوءا لا يعتبر هذا إننا نقوم بالإصلاح, فهنا كل ما نفعله هو إثارة فتنة و زعزعة و تجيش الصدور على جهات معينة من غير فائدة , أريد تنبيهكم على حقيقة أننا قد نكون أدوات مخربة رغم أن رغبتنا هي تنشيد الإصلاح و لكن خطواتنا الغير مدروسة و تصرفاتنا العشوائية هي التي قد تساهم في تقسيم و زعزعة لأفكار و عقول قد تكون ليست مستعدة لمثل هكذا فكر , فيتصرفون بشكل خاطئ بناء على أقوالنا و ما قلناه لهم..
حينما ارغب بمشاهدة فيديو على " اليوتوب" لآي شيء ,اصدم بما أرى من تعليقات خارجة عن موضوع العرض ودخول المشتركين بمواضيع تخص المذاهب والتيارات, و حقيقة استغرب من كيفيه وصولنا إلى هذا الحال, كيف انسونا قضايا مهمة و اشغلونا بتوافه و صراعات لا ناقة لنا فيها و لا جمل أصبحنا حقا دمى من خيوط يتم تحريكنا في صراع لا نعي مدى عمقه و لا سعة حجمه من اجل أفكار وأيدلوجيات مخفية نحن لا نفقه لم وجدت ..؟
و لا من أين انبثقت ..؟
و لا إلى ماذا تهدف ..؟
لا تظنوا أن كل ما يحدث محض صدفة أو هي قرارات عشوائية, أن هذه الأحداث كلها مدروسة خطوة بخطوة لحظة بلحظة يتم إطلاقها و رصد ردات فعلنا تجاهها و ثم حشد ردات الفعل توجيهها لنقطة ما أرادوا سواء لمحوها أو تعظيمها , نحن مجرد دمى يا ساده هذه هي الحقيقة وبيدنا أن نعي و نعود بشر نتحرك بكامل أرادتنا أو نظل نتحرك وفق هواهم , دعونا نبتعد عن التصنيف ولنفهم رجاءا أن الاختلاف سنة الله في أرضه و انه ليس علينا إجبار الجميع قولا أو فعلا أن يكونوا نسخة منا حتى نرتاح و نريح أقلامنا المسلطة كالرصاص عليهم..
سواء كنت مؤيد أو معارض سواء كنت أخواني أو متمرد فدم المسلم علي المسلم حرام ودم المصري علي المصري حرام ولا يرضي أي فرد بان تُسل قطرة دم واحدة بدم بارد دون خوف من عقوبة أو قانون كأننا نعيش في مملكة الحيوان القوي يقتل الضعيف..
وبما أن لعبة الكبار من أصحاب المصالح والأجندات الخاصة من مصاصي دم البسطاء والفقراء هي لعبة ببث الفرقة بين عنصري الأمة بأسلوب (فرق تسُد )..
هم يفتعلون كم من أرصدة المشاكل والأزمات، وكأننا وطن اُبتلى ببعض أبنائه ليشعلوا النار فيه، ويصعدوا به إلى هاوية الحرب الأهلية والتقسيم..
أن النار المشتعلة الآن في جسد مصر لن تطفئها بيانات المحبة والأخوة بين شيخ الأزهر والبابا ولا مؤتمرات المودة بين رجال الدين من الجانبين، فقد جربنا هذا الأسلوب عشرات المرات وفى كل الأزمات، وكان مثل الإسبرين الذي يخفف الأعراض ولا يعالج الداء، لأن الاحتقان أعمق جذورا من أحضان عابرة وخطابات مجاملة، والتطرف أصبح نبتة شيطانية تطل من حروف خطاب ديني متشدد في بعض المساجد والكنائس، وآن الأوان لوضع ميثاق شرف من الأزهر والكنيسة، تلتزم به المساجد والكنائس ووسائل الإعلام، يقرب بين الأديان ولا يركز على الفتن والصراعات، ويوحد عنصري الأمة ولا يفرق بين أبناء الشعب الواحد، فكفى لعبا بالمشاعر الدينية على حساب أمن الوطن واستقراره وطمأنينة الناس.
النار المشتعلة لن تطفئها قنابل الغاز بل سيف القانون، والقانون يحتاج يداً قوية ترفعه في وجه المخطئ، والمخطئ لن يرتدع إلا إذا سقطت عنه الحماية السياسية والدينية..
كما يجب رفع راية العدل باحترام الدولة ..
ولا يجدي الكيل بمكيالين فنعتبر المجرمين ثواراً وشهداءً تارة، وقتلة وبلطجية تارة أخرى، فمن يعبث بوحدة مصر وأمن شعبها هو مجرم مع سبق الإصرار والترصد.
نار الفتنة الطائفية لن يطفئها الاستقواء بالخارج ولا أمريكا، فأمريكا لا يهمها إلا أمريكا وإسرائيل، وإذا فتشنا عن المستفيد من الخراب الذي يحدث في مصر، فالمؤكد أنها إسرائيل التي تحقق انتصاراً ساحقاً علينا دون حروب أو جيوش، فإضعاف مصر وتشتيت قواها وضرب وحدتها في صالح إسرائيل، وأمريكا لن تتدخل في ملف أقباط مصر إلا بالبيانات الإنشائية والعبارات الملتوية أو اللعب بمؤامرات التقسيم وتهديد وحدة وسلامة الأراضي المصرية، وتمتلئ أدراج أجهزة التخابر الأمريكية بمخططات شيطانية لإعادة تقسيم دول المنطقة، بما يجعل إسرائيل القوة الوحيدة المسيطرة والمهيمنة وصاحبة الذراع الطويلة، وليكن لكم فيما يحدث في السودان والعراق العبرة والعظة. نار الفتنة لن يطفئها احتماء المسيحيين بالكنيسة ولا المسلمين بالمسجد، هذا يرفع شعار «بالروح بالدم نفديك يا صليب»، وذاك يهتف «بالروح بالدم نفديك يا إسلام»، ولا أحد يقول «بالروح بالدم نفديك يا مصر» واختفت الأعلام المصرية من المشهد وحلت محلها الرايات السوداء والعلامات الدينية، واختزل الغاضبون تاريخ بلادهم في المحبة والتسامح والتلاحم وافتداء الوطن، بالتناحر والتشاجر والمولوتوف والحجارة والزجاج، وكأنهم أعداء يحاربون بعضهم بعضا وليسوا شركاء في وطن واحد، ويسكنون في نفس المنازل ويجلسون على نفس المقهى ويركبون وسائل المواصلات كتفا بكتف، فكيف يمكن الفصل بينهما..؟
نار الفتنة لن تنطفئ بنفس الوسائل القديمة التي ثبت فشلها، فالمصريون البسطاء في المدن والقرى والكفور والنجوع وهم الغالبية العظمى يعرفون جيداً أنها أزمة مفتعلة، مما يسمون أنفسهم بالنخبة وهم في الأصل من مصاصي دم الفقراء كما يحركها متشنجون ومتطرفون من الجانبين يلهثون وراء الخراب.
( كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً )
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكِمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً)
هل تتركون العنف وتتآلفون لصنع الحياة.. ؟!
هل تصبحون كالجسد الواحد ، وتتوادّون وتتعاطفون وتتراحمون ..
يا حسرة على العباد..
فاللهم اهد قومي فإنهم يعلمون..