ما بين العنب والشراب
روي أن المفوض السامي الفرنسي, أيام الاحتلال, قد أقام مأدبة
ودعا إليها بعض وجهاء دمشق ومشايخها, ... وكان بين المدعوين شيخ بلحية بيضاء وعمامة بيضاء, رآه المفوض السامي يأكل بيديه,
ولا يستخدم الشوكة والسكين, فامتعض إلا أنه كظم غيظه,
ثم سأله عبر ترجمان:
- لماذا لا تأكل مثلنا يا شيخي ..؟
قال الشيخ:-
وهل تراني آكل بأنفي.. ؟
قال المفوض السامي:-
أقصد: لماذا لا تستخدم الشوكة والسكين.؟
قال الشيخ:-
أنا واثق من نظافة يدي, فهل أنت واثق من نظافة سكينك وشوكتك.. ؟
أفحم الجواب المفوض السامي فأسكته, لكنه بيّت أن ينتقم من الشيخ بسبب جوابه الفظ في نظره...
وكانت تجلس زوجة المفوض السامي إلى يمينه وابنته إلى يساره.
وبعد قليل طلب المفوض السامي, شراباً مسكراً متحدياً الشيخ وتقاليد البلاد, في مأدبة يحضرها رجال دين, فصب من الشراب لنفسه ولزوجته وابنته, وراح يشرب على نحو يستفز الشيخ, وهنا قال له :-
اسمع يا شيخي, أنت تحب العنب وتأكله أليس كذلك ؟
قال الشيخ : نعم.
وعندئذ قال المفوض مشيراً إلى العنب:
هذا الشراب من هذا العنب, فلماذا تأكل العنب ولا تقرب الشراب.؟
وشخصت أنظار المدعوين جميعاً إلى الشيخ, لكنه ظل على ابتسامته التي لا تفارق شفتيه, وقال موجهاً الكلام للمفوض السامي:
هذه زوجتك وهذه ابنتك, وهذه من هذه, فلماذا أُحِلّتْ لك تلك,
وحرمت عليك هذه ..؟
لا فرق بين عبداً أبيض وعبداً أسود إلا بالتقوى ،،
هكذا كانت أخلاقهم.. !!
فأين نحن منهم..؟
اجتمع الصحابة في مجلسٍ ولم يكن معهم الرسول ( صلى الله عليه وسلم )... فجلس خالد بن الوليد، وابن عوف، وبلال الحبشي، وأبو ذر
وكان أبو ذر فيه حدةٌ وحرارة (سريع الغضب) .. وتكلم الناس في موضوعٍ ما ..
فتكلم أبو ذر واقترح: أنا أقترح في الجيش أن يُفعلَ به كذا وكذا
فقال بلال: لا .. هذا الاقتراح خاطئ ..
فقال أبو ذر: حتى أنت يا ابن السوداء تُخطّئني .. !!
فقام بلال مدهوشاً غضباناً أسفاً .. وقال: والله لأرفعنك لرسول الله عليه الصلاة والسلام ..
واندفع ماضياً إلى رسول الله .. فلما وصل قال: يا رسول الله.. أما سمعتَ أبا ذر ماذا يقول فيّ ..؟
قال عليه الصلاة والسلام: ماذا يقول فيك ..؟
قال: يقول كذا وكذا ..
فتغير وجه الرسول عليه الصلاة والسلام
وأتى أبو ذر وقد سمع الخبر .. فاندفع مُسرعاً إلى المسجد
فقال: يا رسول الله..السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
قال عليه الصلاة والسلام: يا أبا ذر .. أعيّرته بأمه..
إنك امرؤٌ فيك جاهلية ..!!
فبكى أبو ذر رضي الله عنه، وأتى الرسول عليه الصلاة والسلام وجلس
وقال: يا رسول الله استغفر لي .. سل الله لي المغفرة
ثم خرج باكياً من المسجد
وأقبل بلال ماشياً .. فطرح أبو ذر رأسه في طريق بلال و وضع خده على التراب..
وقال: والله يا بلال لا أرفع خدي عن التراب حتى تطأه برجلك .. أنت الكريمُ وأنا المُهان ..!!
فأخذ بلال يبكي .. واقترب وقبّل ذلك الخد ثم قاما وتعانقا وهما يبكيان ..
هذه هي حياتهم يوم تعاملوا بالإسلام رضي الله عنهم أجمعين..
إن بعضنا يسيء للبعض في اليوم عشرات المرات..فلا يعتذر ..
أبعد هذا .. تخجلون من قول كلمة : آسف
سليمان عليه السلام والنملة
روي أن سليمان بن داود عليه السلام جلس يوماً في ساحل البحر فرأى نملة في فمها حبة حنطة تذهب إلى البحر ...فلما بلغت إليه خرجت من الماء سلحفاة و فتحت فاها فدخلت فيه النملة و دخلت السلحفاة الماء و غاصت فيه ... فتعجب سليمان من ذلك و غرق في بحر من التفكر حتى خرجت السلحفاة من البحر بعد مدة و فتحت فاها و خرجت النملة من فيها و لم يكن الحنطة معها .فطلبها سليمان و سألها عن ذلك
فقالت: يا نبي الله إن في قعر هذا البحر حجراً مجوفاً و فيه دودة عمياء خلقها الله تعالى فيه و أمرني بإيصال رزقها ... و أمر السلحفاة بأن تأخذني و تحملني في فاها إلى أن تبلغني إلى ثقب الحجر فإذا بلغته تفتح فاها فأخرج منه و أدخل الحجر حتى أوصل إليها رزقها ثم أرجع فأدخل في فاها فتوصلني إلى البر
فقال سليمان: سمعت عنها تسبيحاً قط .. ؟
قالت: نعم تقول يا من لا ينساني في جوف هذه الصخرة تحت هذه اللجة، لا تنس عبادك المؤمنين برحمتك يا أرحم الراحمين ...
سبحان الله العظيم رب العرش الكريم ، اللهم ارحمنا برحمتك يا ارحم الراحمين.....