كيفية التواصل مع الآخرين
- الرحمة:-
يقول تعالى في كتابه لنبيه صلى الله عليه وسلم {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) ويقول أيضًا عليه الصلاة والسلام: ( إنما يرحم الله من عباده الرحماء ).
ـ الرحمة هي بلسم العلاقات مع الآخرين، وروح الاتصال الصحيح وبدونها تصبح الحياة جافة جدًا وتفقد قيمتها ولا يصبح للاتصال معنى ولا روح.
أساس مهم جدًا في اتصالاتك وعلاقاتك الرحمة، أن تشعر بالآخرين وتحب الخير لهم وتقدر مشاعرهم وترى أحوالهم وظروفهم وبالرحمة يلتف الناس حولك ويحبونك ولا يملون من الجلوس معك والحديث إليك. قال تعالى في كتابه الكريم: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لأنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران:159].
لقد وصلت هذه الصفة إلى ذروتها في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أرحم نبي بأمته وأرحم أب بأبنائه، وأرحم زوج بأزواجه، وأرحم قائد بجنوده.
ها هي زينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم ترسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابنها يحتضر وتطلب منه أن يأتي إليها، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إليها أن لله ما أعطى ولله ما أخذ وكل شيء عنده بمقدار.
فقالت أقسمت عليك أن تأتي فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ الصبي بين يديه ولنفسه صوت قعقة فبكى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه سعد بن معاذ فقال أتبكي يا رسول الله...؟
قال: نعم يا سعد هذه رحمة يجعلها الله في قلوب عباده.
ـ حتى الجنة يا أخي الجنة رحمة، جاء في الحديث أن الله يقول للجنة: ( أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي) ولا دخول الجنة ولا تنعم إلا برحمة الله تعالى'.
ـ إن البشرية اليوم تعيش في مأساة عظيمة ويعاني منها ملايين النساء والأطفال والشيوخ والرجال من الظلم والقهر وقلة الأمان والخيانة والمكر والخداع، ولذا فاتصافك بالرحمة أيها القارئ العزيز ليس مفيدًا لك ولا للمحيط الضيق الذي تعيش فيه فحسب بل هو مفيد للبشرية المنهكة المتعبة جمعاء..
- التواضع: -
قال تعالى في كتابه الكريم: { تِلْكَ الدَّارُ الأخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص:83].
وقال صلى الله عليه وسلم: ( وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله).
التواضع أساس هام جدًا في اتصالك مع الآخرين فالشخص المتكبر مهما تعلم من فنون الاتصال والتعامل مع الآخرين لن يصل إلى اتصال ناجح حقيقي، وذلك لأن تكبره سيظل حاجزًا منيعًا بينه وبين الناس.
إن الكبر بمثابة الجدار العازل يعزل صاحبه عن الاتصال بالعالم الخارجي فهو يمنعك من الاتصال بالله قال تعالى في الحديث القدسي: ( الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدًا منهما ألقيته في النار ولا أبالي).
ويمنعك من الاتصال بالجنة ودخولها: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر).
ولك أن تتأمل يا أخي رجل فقد الاتصال بالله وبالجنة وبالناس ماذا ستكون قيمته ووزنه في هذه الحياة الدنيا.. ؟
لا شيء…
ومرة أخرى نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يضرب لنا المثل في التواضع فقد روي الإمام البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: (إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت) فكن متواضعًا إلفًا محببًا سهلاً مع الناس.
- الحلم والأناة والرفق:-
تحتاج إلى هذه الصفات كثيرًا في اتصالك مع الناس فإنه من المعلوم بالضرورة أن الكمال لله وحده عز وجل وأن النقص من طبيعة البشر لذا ينبغي أن نتوقع الخطأ والزلل من الآخرين، فعليك أن تكون حكيمًا مع الناس كاظمًا لغيظك رفيقًا بهم مقدرًا طبيعة النقص في تكوينهم، وإن لم تفعل ذلك وسرت وراء غضبك فقد تنصرم أواصر الأخوة والمحبة ويدب الشقاق والنزاع والخلاف، قال تعالى: ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال:46].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطبا أشج عبد القيس: ( إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة).
ولم لا تتصف بالرفق وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما يعطي على ما سواه ) وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه).
- قبول الآخرين على ما هم عليه الآن :-
تقبل الآخرين بكل ما هم فيه الآن بسلوكهم وصفاتهم وأخلاقهم وأفكارهم ومشاعرهم، تقبل ذلك لأن هذا هو الواقع ونحن لا نعني بالتقبل أنك توافق على كل أفكارهم أو اعتقاداتهم أو مشاعرهم، فإنك ستجد في العالم حولك أصناف شتى من الناس ستجد المسلم والكافر والمؤمن والفاسق، والأمين والخائن، والصديق والعدو، والعصامي والعظامي، والصادق والكاذب، والمتواضع والمتكبر إلى غير ذلك من المتناقضات، وإنما أقصد تقبل كل هؤلاء لتقيم علاقات معهم وتتصل بهم، وتتعامل معهم بأسلوب صحيح فهذا تستفيد منه، وهذا تصلحه وهذا تحجم عن شره وهذا تغيره.
مثال : دائرة على الصبورة فيها نقطة سوداء
مثال : حديث الرسول مع الإعراب كان يتكلم مع كل أعرابى على لهجته
والمتتبع للسنة يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيم علاقات واتصالات مع كل الناس بجميع أصنافهم، فتجده في موقف جالس مع كفار قريش يناقشهم ويدعوهم إلى الإسلام، وفي موقف آخر مع أصحابه يعلمهم دينهم، وفي موقف ثالث يزور جاره اليهودي المريض، وفي موقف رابع مدعو إلى طعام من رجل يهودي، وفي موقف خامس مع أزواجه يداعبهم، وفي موقف سادس مع الجارية منطلقة معه حيث شاءت.
بعض الناس وبكل أسف لا يتصل إلا مع من يوافقونه ويعزل نفسه عن مجتمعه وعن العالم الذي يعيش فيه، وبعضهم يردد كثيرًا أن أغلب الناس لا يعجبونه، وأنهم بحاجة إلى التغير حتى يتصل بهم.
وهذا فهم خاطئ، لا تنتظر التغيير من أحد بل غير أنت من نفسك، أنت لديك القدرة على التعامل والاتصال مع جميع البشر ومع كل البشر ولكن إذا غيرت من نفسك وصلت لهذا المستوى العالي من الاتصال اللامحدود وتذكر دائمًا أن التغيير يأتي من الداخل لا من الخارج وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.