مائدة الرحمن
◘◘◘ قال تعالى ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون) (سورة البقرة آية 274)
روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن ، فالرسول الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسَلة.
◘◘◘ إن لربنا في أيام دهرنا نفحات ، تأتينا نفحة بعد نفحة ، تذكرنا كلما نسينا ، وتنبهنا كلما غفلنا ، وتقوينا على عزائم الخير كلما ضعفنا .
إنها مواسم للخيرات يتيحها الله تعالى لعباده ، ليتزودوا منها ما استطاعوا ، وإن أعظم مواسم الخير هو هذا الشهر الكريم ، شهر رمضان المبارك ، فإن للدنيا تجاراً ، وإن للآخرة تجاراً ، تجار الدنيا يرتقبون مواسمها ليربحوا ، وتجار الآخرة يترقبون مواسمها أيضاً ليربحوا ، ولكن ربح هؤلاء غير ربح أولئك ، إن ربحهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار .
تجار الآخرة كما وصفهم الله
(* رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ *) [النور : 37]
يأتي رمضان كل عام فرصة للمسلم ليزداد من الحسنات ويقلل من السيئات .
فيا سعادة من انتفع بهذه الفرصة ، جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ، وغلقت أبواب النار ، وصفدت الشياطين . (
وجاء في بعض الأحاديث (.... وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ... ) رواه الترمذي .
ياباغي الخير أقبل ، الفرصة أمامك بحسبك من الغفلة عن الله أحد عشر شهراً مضت ، ويا طالب الخير أقبل ، الحسنات تضاعف ، الباب مفتوح .
◘◘◘ أن شهر رمضان هو شهر التودد والتعاون بين المسلمين وإقامة موائد الرحمن هو باب من أبواب الخير حيث يوجه المال في شهر رمضان إلي إطعام الفقراء والمحتاجين والتسابق في عمل الخيرات وهو سمة الصالحين وهو من اعلي درجات الجنة كما ورد في سورة الواقعة . ◘◘◘ إما الإسلام فيعظم ثواب إفطار الصائم فمن فطر صائما كان له من الأجر مثل الصائم لا ينقص من أجره شيء ..ونحن نجد في موائد الرحمن نوعا من أنواع التضامن وأيضا اشتراك شباب وفتيات الحي في إعداد موائد الرحمن يجهلهم يشعرون الفقراء والمحتاجين .
◘◘◘ مائدة الرحمن هو اسم يطلق علي مائدة إفطار تقام في أيام الصيام لدي المسلمين في شهر رمضان وتعد موائد الرحمن من ابرز مظاهر التكافل الاجتماعي الذي تميز الشهر الكريم عن باقي شهور السنة وتتفاوت الأطباق المقدمة من خلال موائد الرحمن ما بين الأحياء الراقية والأحياء الشعبية..
◘◘◘ فما يسمى بمائدة الرحمن هو طعام يعده بعض الأغنياء من أهل الخير ليكون إفطاراً للصائمين، عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء. رواه أحمد وابن ماجه والدارمي والترمذي من حديث زيد بن خالد الجهني.
والغالب أن أصحابه يقصدون به الفقراء والمحتاجين من غير تمييز بين المغترب وغيره، ومع ذلك فلا مانع من أن يكون لبعض من يعدونه نية في تخصيصه لأصناف معينة دون غيرهم، ولا بد لمن له نية في تخصيصه أن يعلن عن نيته فيه، وفي تلك الحالة لا يجوز أن يأكل منه من ليس متصفا بالصفة التي عينها صاحب الطعام.
◘◘◘ كان قديما يشارك في الإفطار على مائدة الرحمن هم الفقراء والمحتاجون فقط ثم تطور الأمر وأصبح من رواد هذه الموائد الموظفين والأسر الراغبين في المشاركة والشباب المحبين للمة، حيث يبدأ الحجز على هذه الموائد بعد أذان العصر مباشرة، ويستمر توافد الرواد عليها حتى أذان المغرب، ولن تقتصر على المصريين بل الأجانب أيضا يشاركون الصائم المصري المسلم الإفطار واللمة.
◘◘◘ (موائد الرحمن)، وهي موائد إفطار جماعية مجانية، يقيمها المصريون تقربا إلى الله، ومساعدة للفقراء وغير القادرين .
وتقام (موائد الرحمن) عادة داخل المساجد، أو بجوار الفنادق والعقارات، أو في مناطق فضاء واسعة، حيث يتولى القائمون عليها إعداد وجبات غذائية جاهزة في انتظار من يتناولها عند آذان المغرب موعد الإفطار في شهر رمضان .
◘◘◘ مائدة الرحمن من أشهر طقوس شهر رمضان الكريم، وهى ما تسمى بمائدة الإفطار لتكون من أبرز مظاهر التكافل الاجتماعي بين المصريين، وهو ما يميز الشارع المصري في ذلك الشهر عن باقي الأيام والشهور، المعنى والإحساس واحد لكنها اختلفت في شكلها ومحتوى الطعام المقدم بين الأحياء الراقية والشعبية.
◄البداية كانت في عهد رسول الله
يقول بعض المؤرخين، إن أول من أقام مائدة رحمن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين أقام مائدة للوفد الذي جاء إليه من الطائف أثناء وجوده بالمدينة، واتخذوا من المدينة مكانا يستقرون فيه لفترة، فكان الرسول هو المضيف، حيث كان يرسل إليهم إفطارهم وسحورهم مع بلال بن رباح، وجاء من بعده الخلفاء الراشدون ليقتدوا به وجاء عمر بن الخطاب ليؤسس دارا كاملا للضيافة يفطر فيها الصائمون .
◄ويرجح بعض المؤرخين البداية الحقيقية لموائد الرحمن إلى عهد هارون الرشيد حيث كان يقيم موائد الإفطار في حدائق قصره, وكان يتجول متنكراً بين الموائد, يسأل الصائمين رأيهم في جودة الطعام ومدي كفايته.وتاريخ موائد الرحمن في مصر بدأت أيام الليث بن سعد الذي كان فقيهاً ولدية من المال الكثير و كان يقيم موائد الرحمن ويقدم فيها للصائمين أشهى الأطعمة وخصوصاً الهريسة حتى عرفت باسم هريسة الليث.
ويعيد البعض الأخر تاريخ مائدة رمضان في مصر إلي الأمير أحمد بن طولون مؤسّس الدولة الطولونية، فهو أوّل من أقام مائدة الرّحمن في السنة الرابعة من ولايته، وقام بجمع التجار والأعيان علي مائدة حافلة في أول يوم من شهر رمضان وخطب فيهم: (إني جامعكم حول تلك الأسمطة لأعلمكم طريق البر بالناس).
◄وهناك من يقول إن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي كان أوّل من وضع تقاليد المائدة في عهد الدولة الفاطمية، وأوّل من أقام مائدة في شهر رمضان، يفطر عليها أهل جامع عمرو بن العاص، حيث كان يخرج من قصره 1100 قدر من جميع ألوان الطعام، لتوزّع علي الفقراء..
وقد أقام الفاطميون موائد خاصة للصائمين سموها (دار الفطرة) وفي عصر المماليك والعثمانيات تراجعت موائد الرحمن بسبب الحروب, وعندما جاء الاستعمار الإنجليزي والفرنسي بدأت الجمعيات الخيرية تعيد إحياء موائد الرحمن للفقراء, ومنذ مطلع السبعينيات بدأت موائد الرحمن بالازدهار وانتشرت في العديد من الدول العربية والإسلامية.
◄موائد الرحمن في عهد الملك فاروق (بروتوكول سياسى )
باتت موائد الرحمن في عهد الملك فاروق ما هي إلا بروتوكول سياسي بإطعام المساكين الذين كانوا يهتفون بالدعاء لمولاهم الملك فاروق باعتباره ولى النعم، فكانت تسمى بالمائدة الملكية في قصر عابدين، وذلك بحضور كبار رجال القصر على أنهم شرف المآدب الملكية في رمضان، ثم يتوافد على القصر آلاف الناس من رعية الملك من جميع الطبقات ليتناولوا الطعام.
◄وفى العصر الحديث:بدأت مع أصحاب الورش والمصانع، في أن يفطروا العمال لديهم ولكن على نطاق ضيق، وفى عام1967 ظهر بنك ناصر الاجتماعي ليشرف على موائد الرحمن المعروفة بشكلها الحالي من أموال الزكاة، وكان أشهرها المائدة التي تقام بجوار الجامع الأزهر التي تفطر أربعة آلاف صائم يوميا، ومن هنا ظهرت مشاركة الوزراء ورجال السياسة والفنانين ورجال الدين، لتصبح وسيلة إما للتقرب إلى الله أو كدعاية سياسية.