قوله تعالى﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾
◘◘◘ هذه الآية من أعظم آيات القرآن الكريم ، تجمع معاني الخوف والرجاء : الخوف من الله تعالى ، واللجوء إليه سبحانه ، إذ لا منجا منه إلا إليه عز وجل ، أمر بالفرار منه إليه ليدل العباد على أنه أرحم بهم من كل من سواه ، وأنه عز وجل يريد بالعباد الرحمة والمغفرة .
يقول الله تعالى : ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ) الذاريات/50.
قال الإمام الطبري رحمه الله :
(يقول تعالى ذكره : فاهربوا أيها الناس من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به ، واتباع أمره ، والعمل بطاعته ( إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ ) يقول : إني لكم من الله نذير أنذركم عقابه ، وأخوّفكم عذابه الذي أحلَّه بهؤلاء الأمم الذين قصّ عليكم قصصهم ، والذي هو مذيقهم في الآخرة . وقوله : ( مُبِينٌ ) يقول : يبين لكم نذارته ).
وقال القرطبي رحمه الله :
(لما تقدم ما جرى من تكذيب أممهم لأنبيائهم وإهلاكهم لذلك ، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لهم يا محمد ، أي قل لقومك : ( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) أي : فروا من معاصيه إلى طاعته .
◄وقال ابن عباس : فروا إلى الله بالتوبة من ذنوبكم . وعنه : فروا منه إليه واعملوا بطاعته .
◄وقال محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان : ( ففروا إلى الله ) اخرجوا إلى مكة .
◄وقال الحسين ابن الفضل : احترزوا من كل شيء دون الله ، فمن فر إلى غيره لم يمتنع منه
◄وقال أبو بكر الوراق : فروا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن .
◄وقال الجنيد : الشيطان داع إلى الباطل ، ففروا إلى الله يمنعكم منه .
◄وقال ذو النون المصري : ففروا من الجهل إلى العلم ، ومن الكفر إلى الشكر .
◄وقال عمرو بن عثمان : فروا من أنفسكم إلى ربكم .
وقال أيضا : فروا إلى ما سبق لكم من الله ، ولا تعتمدوا على حركاتكم .
◄وقال سهل بن عبد الله : فروا مما سوى الله إلى الله .
( إني لكم منه نذير مبين ) أي : أنذركم عقابه على الكفر والمعصية .
وقال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
(لما دعا العباد للنظر لآياته الموجبة لخشيته والإنابة إليه ، أمر بما هو المقصود من ذلك ، وهو الفرار إليه أي : الفرار مما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا ، إلى ما يحبه ظاهرًا وباطنًا ، فرار من الجهل إلى العلم ، ومن الكفر إلى الإيمان ، ومن المعصية إلى الطاعة ، و من الغفلة إلى ذكر الله ، فمن استكمل هذه الأمور فقد استكمل الدين كله ، وقد زال عنه المرهوب ، وحصل له نهاية المراد والمطلوب .
وسمى الله الرجوع إليه فرارًا : لأن في الرجوع لغيره أنواع المخاوف والمكاره ، وفي الرجوع إليه أنواع المحاب والأمن والسعادة والفوز ، فيفر العبد من قضائه وقدره إلى قضائه وقدره ، وكل من خفت منه فررت منه ، إلا الله تعالى ؛ فإنه بحسب الخوف منه ، يكون الفرار إليه ، ( إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ) ؛ أي : منذر لكم من عذاب الله ، ومخوف بَيِّنُ النذارة .
◄ قال ابن عباس : فروا إلى الله بالتوبة من ذنوبكم . وعنه فروا منه إليه واعملوا بطاعته . وقال محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان : ففروا إلى الله اخرجوا إلى مكة . وقال الحسين بن الفضل : احترزوا من كل شيء دون الله فمن فر إلى غيره لم يمتنع منه . وقال أبو بكر الوراق : فروا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن . وقال الجنيد : الشيطان داع إلى الباطل ففروا إلى الله يمنعكم منه . وقال ذو النون المصري : ففروا من الجهل إلى العلم ، ومن الكفر إلى الشكر . وقال عمرو بن عثمان : فروا من أنفسكم إلى ربكم . وقال أيضا : فروا إلى ما سبق لكم من الله ولا تعتمدوا على حركاتكم . وقال سهل بن عبد الله : فروا مما سوى الله إلى الله . إني لكم منه نذير مبين أي أنذركم عقابه على الكفر والمعصية .
ولا تجعلوا مع الله إلها آخر أمر محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول هذا للناس وهو النذير . وقيل : هو خطاب من الله للخلق .
◘◘◘ يقول الله تعالى: ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [الذاريات: 50].
أمر الله عز جل رسوله صلى الله عليه وسلم أن يُبلغ هذا النداء العظيم إلى أمته، أن يفروا إليه سبحانه وتعالى، يفروا إليه أي: يرجعوا إليه ويتوبوا إليه التوبة الصادقة والشاملة مما يكرهه الله إلى ما يحبه، من الكفر به إلى الإيمان ومن الجهل إلى العلم، ومن الظلم إلى العدل، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن الغفلة إلى الذكر، ومن الانحراف عن صراطه المستقيم إلى الاستقامة عليه .
لكن أهل الشقاوة وقسوة القلوب، ومن غلب عليهم الشيطان فقلب لهم الحقائق وزين لهم سوء أعمالهم؛ فإنهم يتمادون في غيهم وكفرهم وضلالهم إلى أن يحيق بهم سوء أعمالهم: وتكون النتيجة: ﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 45].
◘◘◘ الإنسان بطبيعة خلقه ولاشك ضعيف وقد شهد عليه خالقه بهذا، ومن أعلم بالصنعة ممن صنعها يقول سبحانه( وَخُلِقَ ٱلإِنسَـٰنُ ضَعِيفاً )[النساء:28]، والإنسان لا يملك لنفسه في أمر الدنيا والآخرة شيئاً، ولا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، ولقد اعترف بهذا رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم، يقول سبحانه لنبيه ) قُل لا أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًا وَلاَ ضَرّا إِلاَّ مَا شَاء ٱللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِىَ ٱلسُّوء)[الأعراف:188]، فإذا كان رسل الله على هذه الحال من الافتقار إلى الله إذا كانوا متبرئين من حولهم وقوتهم أمام الله فكيف سيكون حال غيرهم من الناس. وهذا الإنسان الضعيف .
هنا يأتينا قول الله سبحانه( فَفِرُّواْ إِلَى ٱللَّهِ إِنّى لَكُمْ مّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ) [الذاريات:50]، هذه دعوة من الله للفرار إليه والرجوع والإنابة إلى رحابه، والناس في فرارهم أنواع وأصناف، فمنهم من يفر إلى الناس، ومنهم من يفر إلى نفسه، ومنهم من يفر إلى الشيطان وإلى الذنوب والمعاصي ظاناً أنها تخلصه مما يعاني من ضنك أو ضيق مادي أو معنوي.
أما السعيد والموفق فهو من يفر إلى الله وينيب إلى الله في كل ما يعترضه من أمور، يفر إلى الله إذا خاف من أي شيء لأنه القادر على كل شيء، القاهر لكل شيء، المتعالي فوق كل شيء، سبحانه فلا شيء يخيفك ولا أمر يقلقك يا عبد الله إلا والله سبحانه أقوى منه، بل إن الإنسان حتى إذا خاف من الله يفر إليه، وهذا الأمر لا يكون إلا مع الله سبحانه، فكل شيء إذا خفت منه فررت منه، أما الله سبحانه فإذا خفت منه فررت إليه فلا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه سبحانه، لهذا كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند نومه وهو ما أمر به أحد أصحابه أن يقوله ويجعله آخر ما يقول قبل نومه: (اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت) وقال بعد ذلك: (فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة) متفق عليه من حديث البراء، فالإنسان إذاً حتى إذا خاف من الله فإنه يلجأ إليه، فالخوف من الله والرجاء في الله، فإذا خفت من عذابه فررت إلى رحمته، وإذا خفت من سخطه فررت إلى رضاه إلى آخر هذه الصفات الإلهية الكريمة صفات الكمال والجلال.
فقد كان رسول الله يستعيذ في دعواته من كل صفة عذاب من صفات الله بصفة رحمة من صفاته ثم يستعيذ به منه خوفاً وفرقاً، يقول في الحديث الذي رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك).
◘◘◘ إننا نعيش في زمن ملئ بالفتن و الشبهات و الشهوات لذلك يجب على كل مسلم يعيش في هذا الزمان أن يحاسب نفسه و ينظر إلى عمله و إلى ما قدمه للقاء الله عز و جل و يجب علينا جميعا أن نفر إلى الله عز و جل و نتأسى بالأسوة الحسنة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، و نحرص أن نكون من السالكين إلى الصراط المستقيم الفارين إلى الله عز و جل.
◘◘◘ واجب علينا جميعا في ظل هذه الفتن التي سلطت علينا من كل حدب و صوب أن نلتزم قول الرب العلي ( ففروا إلى الله ) و أن نعتصم بالحق جل و علا فإنه لا ملجأ و لا منجى من الله عز و جل إلا إليه، فتضرع إلى الله عز و جل بلسان الحال و المقال و كأنك تقول ( اللهم إني أبرأ من الثقة إلا بك و من الأمل إلا فيك و من التوكل إلا عليك و من الإنابة إلا إليك و من الصبر إلا على بابك و من الذل إلا في طاعتك و من الرجاء إلا لما في يديك الكريمتين ) فيكون هذا لسان حالك و مقالك، قال جل و علا ( ففروا إلى الله).
قال الإمام بن القيم - رحمه الله ( والفرار نوعان: فرار السعداء و فرار الأشقياء، ففرار السعداء هم الذين يفرون إلى الله عز و جل بالطاعة و بالبعد عن كل معصية، أما فرار الأشقياء فهم الذين يفرون من الله عز و جل ) - ولا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لذا قال أحد السلف الصالح رضي الله عنهم جميعا قال: (عليك بطريق الحق ) - أي اسلك طريق الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه و سلم ( عليك بطريق الحق و لا تستوحش لقلة السالكين )، ستجد أن الطائعين لله قلة قليلة فلا تستوحش لذلك فقد أخبر جل و علا عن ذلك و قال ( و قليل من عبادي الشكور) ( و قال جل و علا ) و إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ( و قال جل و علا ) و ما يؤمن أكثرهم بالله إلا و هم مشركون )، إذا فأهل الطاعة الذين يتقربون إلى الله عز و جل في كل زمان هم قلة قليلة، قلة ميمونة مباركة عرفت حق الله و عرفت حق رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، إذا ( فعليك بطريق الحق و لا تستوحش لقلة السالكين و إياك و طريق الباطل و لا تغتر بكثرة الهالكين )، لا تغتر بكثرة الذين يقعون في المعاصي و يصرون على ذلك و يظنون أنهم على الحق، و طريق الحق هو صراط الله المستقيم الذي جاء به النبي الأمين صلى الله عليه و سلم فلن تستطيع أن تسلك صراط الله عز و جل إلا خلف النبي بل و لن تدخل جنة الرحمان إلا خلف الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم كما أخبر بذلك النبي كما في الحديث الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (أنا أول الناس يشفع قي الجنة )، في رواية الترمذي بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه و سلم وضح الرواية الأولى فقال:
(أنا أول من يأخذ بحلق أبواب الجنة فأقعقعها فيقول خازن الجنة من.؟ فأقول محمد بن عبد الله قال فيفتح خازن الجنة أبواب الجنة و يقول للحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم يا رسول الله لك أمرت لا أفتح الجنة لأحد قبلك يا رسول الله قال الحبيب المصطفى فأدخل الجنة و معي فقراء المؤمنين - و في رواية فقراء المهاجرين - يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم ) و كما في رواية الترمذي أي بخمسمائة عام لأن الله عز و جل قال: (و إن يوم عند ربك بألف سنة مما تعدون).
إذا فما علينا إلا أن نسلك صراط الله المستقيم لكي نفر إلى الله عز و جل و ننجو من تلك الفتن فالجنة تحتاج إلى عمل و رضوان الله عز و جل يحتاج إلى إخلاص و صدق في القول و العمل إذا فما علينا إلا أن نلتزم قول الرب العلي ( ففروا إلى الله )، و تعالوا بنا لنسير بقلوبنا و أرواحنا مع الذين فروا بأرواحهم و أجسادهم إلى الله عز و جل ففازوا بكل خير في الدنيا و الآخرة.
◘◘◘ زمن قد انتشرت فيه الشبهات و الشهوات و انصرف فيه كثير من الناس عن طاعة رب الأرض و السماوات و سلطت الفتن على المسلمين من كل حدب و صوب كان لزاما علينا جميعا أن نتمثل قول الرب العلي: (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين )، ففي هذا الزمان الذي انتشرت فيه الفتن التي أخبر عنها الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم حيث قال كما في الحديث الذي رواه مسلم: (بدأ الإسلام غريبا و سيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء). و في رواية الطبراني بإسناد حسن: قيل: (من الغرباء يا رسول الله.؟ )، قال: (الذين يصلحون إذا فسد الناس). و في رواية الترمذي بإسناد حسن: قيل: (من الغرباء يا رسول الله.؟ )، قال: (الذين يصلحون ما أفسد الناس). و في رواية أحمد بسند صحيح: قيل: (من الغرباء يا رسول الله.؟ )، قال: (أناس صالحون في أناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم). فأخبر الحبيب صلى الله عليه و سلم بذلك أن أهل الغربة صالحون و مصلحون – صالحون في أنفسهم و يصلحون من حولهم – كما قال جل و على: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله )، و كما قال جل و علا: (و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا )، بل و في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي سعيد الخضري أن الحبيب النبي صلى الله عليه و سلم قال: (يدعى نوح يوم القيامة فيقول جل و علا له يا نوح هل بلغت رسالتك.؟، فيقول أجل يا رب بلى، قد بلغت رسالتي فيسأل الله عز و جل قوم نوح و هو أعلم جل و علا هل بلغكم نوح رسالته فيقولون يا ربنا ما جاءنا من نذير و ما جاءنا من بشير فيقول الحق جل و علا مرة أخرى لنوح عليه السلام يا نوح لقد أنكرت أمتك فمن يشهد لك.؟ فيقول نوح عليه السلام يشهد لي محمد و أمته )، قال صلى الله عليه و سلم فتدعون فتشهدون و أشهد عليكم فذلك قوله جل و علا: (و كذلك جعلناكم أمة وسطا ليكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا).
و قد أخبر الحبيب المصطفي الذي لا ينطق عن الهوى بأبي هو و أمي صلى الله عليه و سلم أن أمة الإسلام الميمونة المباركة في زمن الفتن الذي نعيشه الآن ستفترق إلى ثلاث و سبعين فرقة، ففي الحديث الذي رواه ابن ماجى بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (افترفقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، و افترقت النصارى على ثنتين و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، و الذي نفسي بيده ستفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ( قيل )من هم يا رسول الله( صلى الله عليه و سلم) قال: (الذين هم على مثل ما أنا عليه اليوم أنا و أصحابي )، اليوم أي في زمن النبي صلى الله عليه و سلم حتى لا يأتي رجل و يبتدع في سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم و يظن أن تلك هي السنة التي جاء بها المعصوم صلى الله عليه و سلم من عند ربه جل و علا.
◘◘◘ كان رسول الله يعيش مع الله وبالله وينقاد إلى الله ويستسلم لله ويفر إلى الله، وهكذا كان الأنبياء من قبله عليهم السلام يلتجئون إلى الله سبحانه طالبين العون والمدد والحماية منه يقول القرآن الكريم على لسان إبراهيم عليه السلام( إِنّى ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبّى سَيَهْدِينِ) [الصافات:99] .
أن هذا الذهاب ليس الهجرة بالبدن من مكان إلى آخر بل هو الفرار إلى الله، يقول القرطبي: إِنّى ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبّى سَيَهْدِينِ ذاهب بعملي وعبادتي وقلبي ونيتي، فعلى هذا ذهابه بالعمل لا بالبدن، هذا هو فرار الأنبياء إلى الله سبحانه كما أن الصالحين من أصحاب رسول الله ومن تابعيهم بإحسان كانوا يفقهون هذا الأمر ويفرون إلى الله خوفاً وطمعاً، يقول ابن عباس عن قوله تعالى (فَفِرُّواْ إِلَى ٱللَّهِ ) كما عند القرطبي: فروا إلى الله بالتوبة من ذنوبكم ويقول: فروا منه إليه، وقال الحسن بن فضل: احترزوا من كل شيء دون الله فمن فر إلى غيره لم يمتنع منه وقال سهل بن عبد الله: فروا مما سوى الله إلى الله.
◘◘◘ إن فلسفة الألم في الإسلام سنة كونية من سنن الله تعالى، يراد بها تذكير الناس بالله، إن الله إذا أوجع الأمم أو الشعوب إنما يريد بذلك أن يفر الناس إليه و أن يقبلوا عليه ويقولوا: (ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون ) ( سورة الدخان، الآية 12)، فهلا تضرع الناس عندما يتألمون، هلا علموا بأن لهم ربا يعطي و يمنع و يخفض ويرفع، إن الآلام تنزل بالأمة سيلا منهمرا و حال العباد في قلق مستمر، مع ذلك نتساءل :
أين أصوات الضارعين .؟
أين أصوات المستغيثين برب العالمين .؟
لا تجد، وفي المقابل لا ترى إلا مجونا و فسوقا و تبرجا يندى له جبين الكرامة ، كل ذلك يحدث جهارا نهارا أمام أعين الناس و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. هل هذه الآلام تنزل بالبشر أم تنزل بجماد.؟
ألا نعرف ربنا حتى نتضرع له و نستغيث به .؟
قال الله تعالى : (و لو رحمناهم و كشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون، ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ) ( سورة المؤمنون، الآية 75 – 76 ).
◘◘◘ إن الفرار إلى الله يقتضي منا أن نقبل على كتاب الله - عز وجل – بالتلاوة والتدبر و النظر في معانيه و العمل بأحكامه، نفر إلى الله بالدعاء و قيام الليل و صيام التطوع و إخراج الصدقات، نفر إلى الله بفعل ما أمرنا به و اجتناب نواهيه... نفر إلى الله فرار السعداء لا فرار الأشقياء الذين يفرون منه لا إليه، فاللجوء إليه - سبحانه وتعالى – و الذهاب إليه و الهجرة إليه والمسارعة إلى مغفرته و جناته كلها من معاني الفرار إليه سبحانه، وذلك بتوحيده و السعي إلى مرضاته و جنته هربا من سخطه و عقوبته، و في ذلك يقول الإمام ابن قيم الجوزية ( وله في كل وقت هجرتان : هجرة إلى الله بالطلب و المحبة و العبودية والتوكل و التسليم والتفويض والخوف و الرجاء و الإقبال عليه وصدق اللجوء و الافتقار إليه، وهجرة إلى رسوله في حركاته وسكناته الظاهرة والباطنة بحيث تكون موافقة لشرعه).
◘◘◘ إن الذي يفر إلى الله بصدق، فان الله يكشف عنه مصائبه و يتغمده برحمته الواسعة، و يجعل له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا
إن مسنا الضر أو ضاقت بنا الحيل فلن يخيب لنا في ربنا أمل
فافزع إلى الله و اقرع باب رحمته فهو الرجاء لمن أعيت به السبل...
◘◘◘ والفرار يعني ترك أسباب سخطه إلى أسباب مرضاته، والفرار من عقوبته إلى معافاته، ومنه إليه، كما جاء ذلك في دعاء النبي ( صلى الله عليه وسلم) حين قال : (اللهم إني أعوذ بك برضاك من سخطك و بمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناءا عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) أخرجه الترمذي.
على المسلم أن يفر إلى الله في زمن الانفتاح الشديد على الدنيا و تغلب الجانب المادي على حياة الناس أكثر، و ما ترتب عن ذلك من تكالب على حطامها دون تمييز بين حلال و حرام وطيب و خبيث، فحصل التنافس الشديد على حطامها و صار الحب والبغض من أجلها ، بل والقتال من أجلها والعياذ بالله.
◘◘◘ على المسلم أن يفر إلى الله في زمن حصلت فيه الغفلة الشديدة عن الآخرة و الغاية التي من أجلها خلقنا، و تحولت هذه الدنيا الفانية من كونها خادمة إلى مخدومة ، قد ذلت كل عزيز و غدرت بكل طامع و أسكرت أقواما تعلقت قلوبهم بها ففقدوا وعيهم، و ضلوا طريقهم، فمن أجلها يظلمون ويبغون على بعضهم البعض و يعيشون كسباع الغابة يفترس القوي الضعيف، ويلتهم الكبير الصغير من أجل مال أو امرأة أو شهرة أو منصب أو غير ذلك من حب الجاه و المال و شهوة السيطرة و الاستعلاء، و قد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يحذر أصحابه فيقول: (والله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها و تهلككم كما أهلكتهم). أخرجه البخاري ومسلم و الترمذي وابن ماجه.
وأن يفر إلى الله في زمن ظهرت فيه الفتن المتلاطمة التي يوقظ بعضها بعضا، و تساقط فيها خلق كثير ما بين هالك فيها بقلبه أو بلسانه أو بيده...
◘◘◘ إن الناظر اليوم بعين البصر و البصيرة في واقع الأمة و ما حل بها من مصائب و ويلات، ليأخذ به الأسى و التوجع مأخذا بعيدا، حتى إن اليأس ليوشك أن يحيط به لولا عظيم الأمل في وعد الله - عز وجل - الذي قال: (فان مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) ( سورة الشرح، الآية 5، 6). ومما يذهب اليأس ويعزي النفوس معرفة المسلم بسنن الله - عز وجل - في عباده و إدارك أن ما أصابنا من المصائب إنما هو من عند أنفسنا و بسبب ذنوبنا، وبما طرأ على حياتنا من بعد عن الله - عز وجل - و نسيان للآخرة و انغماس في الملذات و إقبال على الدنيا.
و ما دام الداء قد عرف و المرض قد شخص فلا يبقى أمام من ينشد النجاة لنفسه و لأمته إلا أن يقبل على العلاج و ذلك بالفرار إلى الله - عز وجل - والإنابة إليه و الاعتصام به سبحانه وتعالى كما أمر في كتابه العزيز بقوله: (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) ( سورة الذاريات، الآية 50 ).
◄ولعل من أجلى مظاهر الفرار إلى الله أن يتبرأ الإنسان من حوله وقوته ويعتمد على حول وقوة الله سبحانه، يقول كما في صحيح الجامع من حديث أبي هريرة: (أكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها من كنوز الجنة).
◄ ومن مظاهر الفرار إلى الله سبحانه أن يكتفي المؤمن بالله فيما يعرض له من مخاوف وأخطار، وهذا ما علمنا إياه رسول الله أخرج الإمام أحمد عن ابن عباس أن رسول الله قال: (كيف أنعمُ، وصاحب القرن قد التقم القرن) ـ والقرن معناه الصور، وصاحب القرن هو إسرافيل ـ (كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنا الجبهة وأصغى السمع ينتظر متى يؤمر بالنفخ قالوا: كيف نصنع قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا).
◄كما أنه من أجلى مظاهر الفرار إلى الله التوبة النصوحة إلى الله سبحانه: يقول تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَـٰتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِىَّ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـٰنِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ [التحريم:8].
◘◘◘ وجب علينا ألا نغفل عن الله لأننا نحن الفقراء إلى الله وهو الغني الحميد سبحانه، والكثير من الناس لا يفكرون في الفرار الحقيقي إلى الله في هذه الحياة ويؤخرون وقت الفرار إلى الله حتى إذا قضي الأمر وفات الأوان أدركوا أنه لا ملجأ إلا الله ولا ملاذ إلا الله، يقول سبحانه( فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ يَقُولُ ٱلإِنسَـٰنُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ) [القيامة:7-10]،
الآن يسأل عن المفر بينما كان في غفلة عنه في غمرة الحياة فهل ينفعه سؤاله عن المفر في هذه الظروف إن لم يكن فاراً إلى الله في دنياه.
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآيات) يَقُولُ ٱلإِنسَـٰنُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ أي إذا عاين ابن آدم هذه الأهوال يوم القيامة حينئذ يريد أن يفر ويقول: أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ أي هل من ملجأ أو موئل قال الله تعالى كَلاَّ لاَ وَزَرَ إِلَىٰ رَبّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ) [القيامة:11، 12]، قال ابن مسعود وابن عباس: أي لا نجاة. وهذه الآية كقوله تعالى: مَا لَكُمْ مّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مّن نَّكِيرٍ [الشورى:47].
لكن هل ينفع هذا الفرار إن لم يكن الإنسان من الفارين إلى الله في هذه الحياة الدنيا يقول سبحانه في كتابه العزيز) يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْء مِنْ أَخِيهِ وَأُمّهِ وَأَبِيهِ وَصَـٰحِبَتِهُ وَبَنِيهِ لِكُلّ ٱمْرِىء مّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيه ) .
ِقال عبد الله بن طاهر كما عند القرطبي: يفر منهم لما تبين له من عجزهم وقلة حيلتهم إلى من يملك كشف تلك الكروب والهموم عنه، ولو ظهر له ذلك في الدنيا لما اعتمد شيئاً سوى ربه تعالى.
فلماذا عباد الله نؤخر الفرار إلى العزيز الجبار.؟
لماذا نؤخر الفرار إلى الواحد القهار.؟
هل نحن مغترون بصحتنا وقوتنا التي هي إلى ضعف وزوال.؟
أم نحن مغترون بأموالنا التي لن يلحقنا منها شيء إذا متنا.؟
أم نحن عالمون بموعد موتنا وانتقالنا عن هذه الحياة.؟
لهذا نحن نؤخر الفرار إلى الله إلى قرب هذا الموعد.؟
◘◘◘ الفرار ليس له إلا صورة واحدة ألا وهي الانطلاق بكل ما أوتي الفار من قوة طلباً للنجاة ، فهل جرب كل واحد منا الفرار .؟
الفرار أمر حتمي لكل واحد منا لأنه أمر رباني أمرنا الله به ،
لكن الفرار إلى أين.؟
لقد حدد الله لك الوجهة ورسم لك الطريق فقال سبحانه:{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}(الذاريات:50.).
نعم إنه الفرار إلى الله ، تفر إلى الله لأن خلفك عدوك إبليس يسعى خلفك جاهداً بكل ما أوتي من قوة ليجعلك من أصحاب السعير أخبرك بذلك ربك وحبيبك يوم أن قال : {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}(فاطر:6.)، ومع الأسف هناك من الناس من عكس طريق سيره فسار باتجاه عدوه ففرح به ذلك العدو واحتضنه فأصبحت ترى شيطاناً في ثوب إنسان؛ لا يدع طريقاً من طرق الفساد إلا سلكه وبلا تردد وليته سلكه وحده لا بل قام يدعو إليه ويحبب الناس فيه ؛ وأمثلة هذا الصنف في حياتنا عديدة.
{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}، تفر إلى الله لأن خلفك الدنيا بفتنتها وشهواتها وزينتها ؛ فكم من عبد تباطأ في فراره إلى الله والتفت يمنة ويسرة إلى الدنيا فأسرته فشغل عن الفرار إلى الله بعماراته أو شغل عن الفرار إلى الله بأمواله أو شغل عن الفرار إلى الله بزوجته وأولاده أو شغل عن الفرار إلى الله بمنصبه وجاهه فهلك مع الهالكين كم من عبد جعل فراره إلى الدنيا فهو يفر إليها بكل ما أوتي من قوة فمنهم من يسير بسيارته مسرعاً حتى لا تفوته مباراة في كرة القدم حاسمة،ومنهم من يفر بكل قوته حتى لا تفوته صفقة رابحة،ولمثل هؤلاء يقول العليم الحكيم:{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}(الحديد:20).
وقد يقول قائل أيعني الفرار إلى الله تعطيل الحياة الدنيا.؟
◄نقول له: لا.ولكن الله يوم أن أمرنا بالسعي لطلب الرزق لم يأمرنا بالفرار وإنما أمرنا بالمشي يقول الرزاق الكريم:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}(الملك:15.).
فلمن انشغلوا بدنياهم أقول لهم فروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين،ومن فضل الكريم الرحيم علينا أنه لم يجعل من عملية الفرار إليه عملية صعبة ولم يجعلها في طريق وعرة بل مهد لنا سبحانه وتعالى بفضله وكرمه طريق الفرار إليه ويسر لنا سبله فأنت تستطيع أن تفر إلى الله على كل حال من أحوالك وأنت سائر وأنت واقف وأنت قاعد وأنت نائم وأنت في بيتك وأنت في حيك وأنت في عملك أو سوقك تستطيع الفرار إلى الله؛ فأنت بخروجك للكسب لتعف نفسك وأهلك عن الحرام تفر إلى الله ، بقيامك للصلاة تفر إلى الله ، بذكرك لله تفر إلى الله ، بقراءتك للقرآن تفر إلى الله، بالصدقة تفر إلى الله، بإهداء كتب الخير وأشرطة الخير للمسلمين تفر إلى الله،بصلتك لرحمك تفر إلى الله ، بأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر تفر إلى الله ، بتربيتك لأولادك وبنياتك على هدى الشريعة تفر إلى الله .
◄إن من رحمة الله تعالى بنا وبكم أنه إذا علم من عبده صدق الفرار إليه أعانه ووفقه ولم يتركه وحده واستمعوا معي إلى وعد من لا يخلف الميعاد يوم أن قال:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}(العنكبوت:69). ويقول جلت عظمته : {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}(النحل:128).
وفي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً) (البخاري).