المجتمع الإسلامي وحده هو المجتمع الذي تمثل فيه العقيدة رابطة التجمع الأساسية ، والذي تعتبر فيه العقيدة هي الجنسية التي تجمع بين الأسود والأبيض والأحمر والأصفر والعربي والرومي والفارسي والحبشي وسائر أجناس الأرض في أمة واحدة ، ربها الله ، وعبوديتها له وحده ، والأكرم فيها هو الأتقى ، والكل فيها أنداد يلتقون على أمر شرع الله لهم..
حين تكون إنسانية الإنسان هي القيمة العليا في مجتمع ، وتكون الخصائص الإنسانية فيه هي موضع التكريم والاعتبار ، يكون هذا المجتمع متحضراً . . فأما حين تكون المادة - في أية صورة - هي القيمة العليا . . سواء في صورة النظرية كما في التفسير الماركسي للتاريخ.. !
أو في صور الإنتاج الفكري كما في أمريكا وأوربا وسائر المجتمعات التي تعتبر الإنتاج المادي قيمة عليا تهدر في سبيلها القيم والخصائص والإنسانية . . فإن هذا المجتمع يكون مجتمعاً متخلفاً . .
أو بالمصطلح الإسلامي مجتمعاً جاهليا..ً !
إن الإسلام يقرر قيمه وأخلاقه هذه الإنسانية - أي التي تنمى في الإنسان الجوانب التي تفرقه وتميزه عن الحيوان - ويمضي غي إنشائها وتثبيتها وصيانتها في كل المجتمعات التي يهيمن عليها سواء كانت هذه المجتمعات في طور الزراعة أم في طور الصناعة ، وسواء كانت مجتمعات بدوية تعيش على الرعي أو مجتمعات حضرية مستقرة ، وسواء كانت هذه المجتمعات فقيرة أو غنية . . إنه يرتقى صعداً بالخصائص الإنسانية ، ويحرسها من انكسة إلى الحيوانية . . لأن الخط الصاعد في القيم والاعتبارات يمضي من الدرك الحيواني إلى المرتفع الإنساني . . فإذا انتكس هذا الخط - مع حضارة المادة - فلن يكون ذلك حضارة ..!
إنما هو التخلف أو هو الجاهلية !..
وحين تكون الأسرة هي قاعدة المجتمع . وتقوم هذه الأسرة على أساس التخصص بين الزوجين في العمل . وتكون رعاية الجيل الناشئ هي أهم وظائف الأسرة . . يكون هذا المجتمع متحضراً . . ذلك أن الأسرة على هذا النحو - في ظل المنهج الإسلامي - تكون هي البيئة التي تنشأ وتنمى فيها الأخلاق والقيم الإنسانية ، ممثلة في الجيل الناشىء ، والتي يستحيل أن تنشأ في وحدة أخرى غير وحدة الأسرة ، فأما حين تكون العلاقات الجنسية ( الحرة كما يسمونها ) والنسل ( غير الشرعي ) هي قاعدة المجتمع . . حين تقوم العلاقات بين الجنسين على أساس الهوى والنزوة والانفعال ، لا على أساس الواجب والتخصص الوظيفي في الأسرة . . حين تصبح وظيفة المرأة هي الزينة والغواية والفتنة . . وحين تتخلى المرأة عن وظيفتها الأساسية في رعاية الجيل الجديد ، وتؤثر هي - أو يؤثر لها المجتمع - أن تكون مضيفة في فندق أو سفينة أو طائرة ! . . حين تنفق طاقتها في الإنتاج المادي و صناعة الأدوات ولا تنفقها في صناعة الإنسانية.. !
لأن الإنتاج المادي يومئذ أغلى وأعز وأكرم من الإنتاج الإنساني ، عندئذ يكون هنا هو التخلف الحضاري بالقياس الإنساني . .
أو تكون هي الجاهلية بالمصطلح الإسلامي !..
وقضية الأسرة والعلاقات بين الجنسين قضية حاسمة في تحديد صفة المجتمع . . متخلف أم متحضر ، جاهلي أم إسلامي.. !
والمجتمعات التي تسود فيها القيم والأخلاق والنزعات الحيوانية في هذه العلاقة لا يمكن أن تكون مجتمعات متحضرة ، مهما تبلغ من التفوق الصناعي والاقتصادي والعلمي.. !
إن هذا المقياس لا يخطئ في قياس مدى التقدم الإنساني . .
أخي المسلم إنّ مَن تلا كتاب الله وكان له قلب أو سمع آياته سماع من يريد أن يفهم فَقِه حقيقة العلاقة بين المسلمين وملل الكفر وانقطع رجاؤه من خيرٍ يعدونه به ويئس من أي مبادرةٍ يزعمون من خلالها نفعه، وأيقن أنهم لو استطاعوا أن يحولوا بينه وبين رحمة الله لفعلوا، فلا تخفى عليه شباكهم ولا تنطلي عليه حيلهم مهما أعطوا من طرف اللسان حلاوة أو ألانوا من جانبٍ ملمسا، فإن قال له قائل: لماذا ترفض السلام وتأبى التعايش وتستنكر التطبيع..؟
أجاب بقول العليم الحكيم: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ).
وإن قيل له: لا تخالف مجلس الأمن وهيئة الأمم، قال: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)
وإن قيل له: سيقاتلك حلفهم بطائراتهم ودباباتهم وأسلحة دمارهم، قال: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ) ، (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ).
وإن قيل له: أتقاتل الأحمر والأسود والشرق والغرب..؟
قال: (إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ) ، (فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ) ، (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ)
إن الغرب الصليبي بقيادة أمريكا يتصورون انهم هم الذين يقودون العالم وعلى الدول الانصياع لهم ولرغباتهم ..
هذه النظرة الغربية الكافرة تدفعنا إلي التسأل
لماذا الغرب يخشى من عودة الشريعة الإسلامية وتعامل المسلمين بقانون رب الأرض والسماء ونبذ القانون الأرضي الوضعي الذي يتعارض مع شرع الله جملة وتفصيل..
لقد زرع الغرب الفتن التي تحيط بدول الإسلام من داخلها وخارجها، فقد زرع في دول الإسلام من يحمل الولاء الكامل له، وليس فيه أدنى ولاء لبلده وأهله، فهو وطني في الظاهر، لكنه مستغرب، من بني الجلدة، لكنه غربي الهوى، ليس له قصد إلا إلحاق الأمة بالغرب، ولو كان في ذلك تحطيمها في قوتها واقتصادها وأخلاقها.. فهذه الفئة تسعى دائما لإضعاف الأمة، وضمان تفوق الغرب.
فهي تستخدم للتدخل في سياسات الدول، واقتصادياتها، تفتعل الأزمات السياسية والاقتصادية، ثم تتدخل هذه الهيئات في صورة الناصح المشير والمنقذ، وليس لها قصد إلا تعميق المشكلة، فهي تقرض مثلا دولة فقيرة، لكن بشروط وزيادات ربوية تعمق المشكلة وتزيد الدولة فقرا إلى فقرها،
كل يوم، فالزيادات الربوية لا تقف عند حد، وهكذا تصبح هذه الدول المقترضة في الدين إلى الأبد، وذلك يستنزف الناتج القومي.
وفي مثل هذه الأحوال العصيبة، والمشاكل التي لا تنتهي، تفتقر بلاد الإسلام إلى أهم أسباب التقدم، من استقرار وأمن ورخاء، ويكون بدلا عنها الاضطراب وقلق الحرب والفقر..
كما ينصرف جهدها في الحفاظ على القيم، ودفع أولئك المستغربين من بني الجلدة، الذين يشغلون الأمة كل يوم بما لا يعود عليها بالنفع، بل بالضرر، الذين لا هم إلا الكلام عن المرأة وحقوقها المزعومة، ودعواهم وفريتهم العريضة أنها مظلومة، يحكمون على الأمة أن تعيش حالة حرب مع الأخلاق الوافدة الفاسدة الدخيلة على المجتمع، تستنزف جهدها وطاقتها في ذلك..
فهؤلاء الأعداء من الداخل ومن الخارج هم من أكبر أسباب تخلف الأمة، والعدو الخارجي هو الأكبر، وإنما الذي في الداخل تبع له، ولولاه ما وجد.
إن الإنسان هو الإنسان في كل مكان في الأرض، فالإنسان الشرقي ليس أقل من نظيره الغربي، من حيث ملكة التفكير والعقل...
فكل ما في الأمر أن الغرب من سياسته تبني العقول الذكية، بفتح المجال لها لتبدع وتنتج، على العكس من سياسة الشرق، خاصة بلاد الإسلام، إلا ما ندر، الغارق في مشاكله الخاصة، الذي لا يفكر في تبني العقول الموهوبة، مما يدفع بكثير منها إلى الهجرة إلى حيث الاحتضان والرعاية العلمية (= الغرب)، وليس من العسير أن نبحث عن أعداد ليست بالقليلة من العلماء العباقرة من المسلمين يديرون مراكز علمية غربية، طبية وفلكية وصناعية، وغير ذلك..
وإن من أسباب تأخر المسلمين هو ضعفهم في أخذهم دينهم بقوة، كما أمر الله تعالى: (خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون..)
فقد تراخت قبضتهم على الدين، فكثر فيهم البدع، والخرافات، والتواكل والتقصير وترك العمل، والحرص على الدنيا..
إن الدين المنزل الحق المحفوظ من التبديل لا يمكن أن يعوق البشرية عن مصالحها، من تفكير صحيح، وإنتاج مفيد..
لما كان المسلمون يقبضون على دينهم تقدموا، فلما تركوه تخلفوا، ولما كان النصارى يتبعون دينا محرفا تخلفوا، فلما تركوه تقدموا..
واليوم المسلمون في رجوع إلى نقاء الدين وصفائه، لكنهم يجدون عوائق جمة أمام استرداد الأمجاد ومنافسة حضارة الغرب، فهم وإن طبقوا الإسلام على وجه مقبول إلى حد ما، إلا أنهم لم يستطيعوا التخلص من سلبيات لصقت بهم، وللغرب دور في ذلك، فحالهم كحال الجاني التائب المسجون، لا يجد طريقا للخروج، ليستعيد نشاطه ويصلح ما مضى، فحبسه مؤبد..
الغرب القوة الأولى في الأرض اليوم حكم على الأمة الإسلامية بالسجن المؤبد في التخلف والتبعية المطلقة في كل شيء، فهو يخطط لقمع كل حركة استرداد لتراث الأمة وحضارتها، ويئد كل عمل للارتقاء والتقدم، ويستعمل لأجل ذلك وسائل كثيرة..
فمن أساسيات مراكز القرار في الغرب اليوم، العمل على ضمان تفوق الغرب الدائم المطلق، في كل الميادين الحيوية، مهما كلف ذلك من ثمن، ولو كان الثمن الإفساد والإفقار، بل ولو كان الثمن إزهاق الأرواح وسفك الدماء بغير حق، يستوي في ذلك الأطفال والشيوخ والنساء والضعفاء.
نعم إن المسلمين يتحملون جزءا كبيرا من سبب التخلف، لكن ذلك لا يعفي الغرب من التهمة، فالكل يشهد، في كل بلاد الإسلام، ما يخطط له الغرب، بكل عناية وحرص، لتبقى هذه البلدان متخلفة:
بدأ ذلك منذ سقوط دولة الإسلام، وتمزقها على يد الغرب إلى دويلات، لها حدود وجارات، بعضها غنية، وبعضها فقيرة، فأما الفقيرة فزادوها فقرا، وأما الغنية فخططوا لإفقارها، تسعى في سداد ديونها الربوية المتراكبة، وتلك الحدود خلقت جوا من الاضطراب والقلق الدائم بين الجارات، فبين كل دولة ودولة مناطق متنازع عليها، هي فتيل حرب في أية لحظة، بالإضافة إلى تصدير الفساد الأخلاقي وترويجه وجبر الناس عليه والاضطلاع بمهمة تحرير المرأة.
وعلى الرغم من اختلاف الدين و القيم والعادات والتقاليد بيننا وبين تلك الشعوب الغربية ألا إنهم قد يتفوقون علينا في أمور نحن نتجاهلها ويصبحون بذلك في قمة الإدراك والوعي ، من ناحية النظام والالتزام فنحن قد تأخذنا وتأسرنا تلك التقاليد العمياء من الطبقات الغربية التي نرى إنها في قمة الصواب والوعي ,
ولكن هل تلك التقاليد التي نقتبسها هي عين العقل ؟؟
قد يكون تقليدنا في أمور تافهة ليس لها أي معنى أساساً ، من ناحية الموضات والصرخات والأستايلات التي أصبحت شبابنا وفتياتنا بتقليدها والإقتداء بها على أن تلك هي الموضة المطلوبة والتطور العصري والحضاري ..
ولكن تعالوا معي ننظر إلى بعض الأمور الإيجابية لديهم وللأسف لا نقتبسها ونقوم بالعمل بها ولو الشي اليسير منها على سبيل المثال :
النوم مبكراً للاستيقاظ في الصباح بكل نشاط وحيوية لمباشرة أعمالهم ، بمعنى ليس هناك ما يسمى بـــ " السهر " بالكثير الساعة العاشرة تكاد تكون طرقاتهم ومحلاتهم مغلقة نوعاً ما ، فهم يباشرون أعمالهم بجدية وكلهم نشاط وحيوية ،،
وحين ثم سؤال ، لمــــــــــــــاذا ؟؟
إذاً لماذا حين نقوم بالتقليد نأخذ بتلك الأمور السلبية ونطبقها على أنفسنا ومجتمعنا ؟؟
لماذا لا ننظر إلى الإيجابيات والأشياء المفيدة لنتعلم منها ولو القليل واليسير.. ؟
أم نظرنا نحن العرب الشرقيين نظر أعمى يغطي على أعيننا بتلك الغشاوة السوداء..
ننظر إلى سلبياتهم ونقلدها تاركين وراءنا الإيجابيات والأمور النافعة ،،،
لمــاذا الغرب لا يقلدوننا في أمورنا ..؟
لماذا نحن العرب فقط من نقلدهم ؟
لماذا تقدم الغرب ..؟ ، ولماذا تأخرنا ؟ !!..
لماذا الغرب متقدم في العلوم الدنيوية، والصناعات، والقوة الحربية، والنظام ..؟
ولماذا نحن المسلمون متأخرين في كل ذلك ..؟
المسلمون كانوا أسبق من الغرب في التقدم، فحضارتهم العلمية سبقت بقرون عدة، أما الغرب فلم ينهض ويتقدم إلا منذ ثلاثة قرون، فما الذي كان ليتقدم المتخلف، ويتأخر المتقدم؟!!..
وفي الوقت الذي بدأ في الغرب بالنهوض، كانت الحضارة الإسلامية في خفوت، وبسرعة هائلة تقدموا، وبمثلها تأخرنا…
فما السبب في ذلك..؟!..
فهل بعد هذا يظن أحد أن السلام مع الغرب الكافر الذي يُريد أن يمسخ ديننا ويقتل روح التوحيد وأصول هذا الدين في قلوبنا يمكن التعايش معه..؟ أو حتى التقارب بيننا وبينه..؟