مناسك العمرة - كيفية أدائها.
تُعتبر العمرة من العبادات العزيزة على قلوب المسلمين، حيث يؤديها من تتوفر فيهم الشروط المادية والجسدية والشرعية مرة واحدة في العمر أو أكثر، بهدف التقرب من الله عز وجل، ونيل رضاه والاستزادة من أجره العظيم وثوابه العميم. وتتميز مناسك العمرة ببعض التشابه مع مناسك الحج، لكنها أبسط من حيث التفاصيل، وأقل من حيث العدد.
وتعرَّف العمرة لغةً بالقصد والزيارة، ويُعرّفها أهل العلم شرعا بأنها زيارة المسجد الحرام في مكة المكرمة مرة واحدة في العمر أو أكثر، لأداء شعائر خاصة كالإحرام والتلبية، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير وغيرها، وذلك بِـنية التقرب لله سبحانه وتعالى.
♠♠♠ حُكم العُمرة
اتفق العلماء على مشروعية العمرة في الإسلام، لكنهم اختلفوا في وجوبها، حيث يرى الإمام أحمد والشافعي أنها واجبة لما ورد عن أبي رزين العقيلي أنه أتى النبي فقال: (إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة، فقال النبي: حج عن أبيك واعتمر). أما الإمام مالك وأبو حنيفة وأتباعهم فيرون أنها سنَّة غير واجبةٍ استنادا لما رواه جابر بن عبد الله أن النبي سُئل عن وجوب العمرة فقال: (لا وأن تعتمر خير لك).
♠♠♠ أنواع العمرة
هناك نوعان من العمرة، العمرة المفردة وعمرة التمتع. فالعمرة المفردة يمكن أداؤها في أي يوم من السنة دون تقييد زمني، أما عمرة التمتع فتؤدى في أشهر الحج فقط. كما تتميز العمرة المفردة بأداء إحرامها في المواقيت القريبة، أما إحرام عمرة التمتع فيؤدى في المواقيت البعيدة. وفي العمرة المفردة يُخيَّر المعتمر بين حلق شعره وتقصيره، أما في عمرة التمتع فالتقصير هو الواجب وليس الحلق.
♠♠♠ شروط العمرة
شروط العمرة خمسةٌ هي الإسلام والعقل والحرية والبلوغ والاستطاعة المالية والجسدية. فإن كان المعتمر امرأة يُشترط وجود محرم معها، كزوجها وأبيها وابنها وأخيها وغيرهم من الذين لا تحل لهم أبدا.
♠♠♠ أركان العمرة
أجمع أهل العلم على وجود ثلاثة أركان للعمرة هي الإحرام و الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة. ومن ترك هذه الأركان أو أحدها متعمدا فلا عمرة له.
♠♠♠ واجبات العمرة
واجبات العمرة ثلاثة أولها الإحرام من الميقات إن كان الميقات بين المعتمِر وبين مكة، أو الحل لمن كان في الحرم المكي. وثانيها تجرد الرجال من المخيط، ولا ينطبق هذا الواجب على النساء. وثالثها الحلق أو التقصير حسب نوع العمرة وطبيعتها، ولا يجب الحلق على النساء أبدا. ومن ترك هذه الواجبات أو أحدها وجب عليه دم.
♠♠♠ مستحبات العمرة
للعمرة مستحبات كثيرة يُستحسن للمعتمر إتيانها قدر المستطاع، فقبْل الإحرام يُستحب تقليم الأظافر وحلق شعر العانة والاغتسال. أما بعد الإحرام فتُستحب التلبية ورفع الصوت بها للرجال. وفي الطواف يُستحب تقبيل الحجر الأسود والإكثار من الذكر والدعاء. وفي السعي يُستحب الصعود على الصفا، والهرولة بين العلمين الأخضرين، والإكثار من الذكر.
♠♠♠ فضل العمرة
من فضل العمرة أنها تُذهِب الفقر لقول النبي الكريم: (تابعوا بين الحج والعمرة، فإن المتابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد). ومن فضلها أنها كفارة للذنوب والخطايا لقول النبي الكريم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما). ومن فضلها أيضا قضاء الحاجات واستجابة الدعوات لقول النبي الكريم: (الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم).
◘◘◘ دخول مكة للعمرة
عندما يُحرِم المعتمر من الميقات المناسب لبلده، يتفرغ لدخول مكة المكرمة وزيارة المسجد الحرام. فَلِمكَّة مكانة خاصة في قلوب المسلمين، ولزيارتها وقع خاص في نفوسهم. فعلى أرضها بدأت الرسالة المحمدية، وفيها تقام مناسك الحج والعمرة، وفي ترابها وضع أول بيت للناس مصداقا لقوله تعالى: [إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا..]. لذلك حدد العلماء عددا من القواعد لدخول مكة، نوجزها فيما يلي.
1- الاغتسال
بعد الإحرام مباشرة، يغتسل المعتمر بنية دخول مكة المكرمة، ويُفضَّل أن يكون الاغتسال في "ذي طوى" أسفل مكة ضواحي مسجد عائشة رضي الله عنها في منطقة تسمى حاليا "الزاهر". فإذا تعذَّر الاغتسال في هذا المكان، يمكن للمعتمر أن يغتسل في مكان آخر. كما يستحب للمعتمر أن يبيت في "ذي طوى" قبل دخول مكة.
2- الدخول من الثنية العليا
بعد الإحرام والاغتسال، يمكن للمعتمر أن يدخل مكة المكرمة من الثنية العليا الملقبة بثنية كَداء. وعند العودة إلى بلده يُستحسن له الخروج من ثنية "كُدا" الواقعة أسفل مكة قرب جبل قعيقان. ويَنصح أهل العلمِ المعتمرَ بدخول مكة من الثنية العليا بغض النظر عن الطريق التي ينطلق منها، وذلك اقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي صح عنه أنه دخل منها رغم أنها لم تكن في طريقه.
3- الابتعاد عن أذى الناس
يجب على المعتمر مراعاة كثرة الناس وازدحامِهم أثناء الدخول لمكة المكرمة، وعليه أن لا يستغل الوضع فيزاحم الناس ويتسابق معهم ويؤذيهم باليد واللسان، بل عليه أن يرحم الكبير قبل الصغير، ويتذكر حرمة البقعة التي يمشي عليها، فلا يؤذي هذا، ولا يسب ذاك، ولا يغضب ولا يسخط.
4- دخول الكعبة من باب السلام
يَنصح أهل العلم كل معتمر بدخول الكعبة من باب بني شيبة المسمى (باب السلام)، وعلى المعتمر أن يدخله بكل تواضع وخشوع مُقدِّما الرجل اليمنى على اليسرى، كما يُستحسن له أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسأل الله أن يغمره برحمته وكرمه، ويغفر ذنوبه وخطاياه.
5- دعاء رؤية الكعبة
عندما يدخل المعتمر إلى المسجد الحرام أول مرة، وعندما تلوح له الكعبة المشرفة، يُنصح برفع يديه إلى السماء وترديد هذا الدعاء: (اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة، وزد من شرفه وعظمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا). فإذا دخل المسجد الحرام عليه أن لا ينشغل بأي شيء عدا الاستعداد لتقبيل الحجر الأسود والطواف.
◘◘◘ الإحرام من الميقات
يُعرِّف بعض اللغويين الإحرام بأنه الدخول في حرمة عهد أو ميثاق أو حِمَى شخص أو جهة ما، ويُعرِّفه البعض الآخر بأنه الامتناع الإرادي عن عدد من المباحات لأسباب ذاتية أو موضوعية. أما أهل الشرع فيُعرِّفونه على أنه النية بالدخول في نُسك الحج أو العمرة امتثالا لأوامر الله وتقربا منه سبحانه وتعالى، ويربطونه برقعة جغرافية معينة تسمى الميقات، وهي المكان الذي يجب على المعتمر أن لا يتجاوزه قبل دخول مكة إلا مُحرِماً، وقد حدد الشرع لأهل كل منطقة جغرافية ميقاتا يُحرِمون منه.
عند العزم على الاعتمار ببيت الله، يكون لزاما على المسلم أن يُحرِم من الميقات وهو المكان الذي لايجوز لِقاصدِ مكة أن يتجاوزه إلا مُحرِماً. فقبل بلوغه بقليل، يرتدي المسلم ملابس الإحرام وهي ثوب أو رداء أبيض طاهر وغير مخيط، أما المرأة فتحرم في ملابسها العادية، ثم ينوي المسلم العمرة في قلبه ولابأس أن يتلفظ بها ويقول: (لبّيك اللهم عُمرة)، ثم يردد التلبية في الطريق حتى يصل إلى الحرم المكي.
♦♦♦ مواقيت الإحرام للعمرة
حسب إجماع أهل العلم يكون ميقات أهل المدينة المنورة هو ذو الحليفة ويسمى أيضا آبار علي، وميقات أهل الشام ومصر والسودان ودول المغرب العربي هو قرية الجحفة التي اندثرت وحلت محلها مدينة رابغ، وميقات أهل العراق هو ذات عِرق، وميقات أهل اليمن يسمى يلملم نسبةً لجبلٍ هناك. وميقات أهل نجد ودول الخليج العربي هو قرن المنازل، أما أهل مكة المكرمة فميقات إحرامهم للعمرة هو التنعيم أو مسجد السيدة عائشة رضي الله عنها.
♦♦♦ واجبات الإحرام للعمرة
يتطلب الأداء الصحيح لإحرام العمرة عددا من الواجبات لَخَّصَها أهل العلم في ثلاثة أشياء هي النية، وارتداء ثياب الاحرام، والتلبية. فالنية هي العزم على الدخول في العمرة ومحلها القلب، ولا بأس من التلفظ بها. وثياب الإحرام هي رداء أو إزار أبيض ونظيف من غير المخيط أو المحيط بالنسبة للرجال، أما النساء فيمكنهن الإحرام بملابسهن العادية مع احترام قواعد العفة والحشمة. والتلبية هي التلفظ بعبارة (لبيك اللهم عمرة).
♦♦♦ محظورات الإحرام للعمرة
بعد الدخول في الإحرام يُحظَر على المعتمر الإتيان بعدد من الأمور من بينها، قص الشعر، وتقليم الأظافر، والتطيب في البدن أو الثوب، وقتل الصيد البري، وقطع شجر الحرم المكي ونباته، وخطبة النساء للنفس أو للغير وعقد النكاح عليهن، والجماع والمعاشرة. كما يحظر على المعتمرين من الرجال تغطية الرأس بكوفية أو عمامة أو ما شابههما، أو ارتداء المخيط على الجسم كله أو بعضه كالثوب والقميص والسراويل وغيرها.
◘◘◘ دخول مكة
بعد الوصول إلى مكة المكرمة يُستحب للمعتمر أن يدعو الله ويطلب رحمته وغفرانه، ثم ينتقل إلى الحرم المكي فينوي الاعتكاف فيه للصلاة أو الجلوس، فيخلع حذاءه ويدخله مُقدِّماً الرِّجل اليمنى على اليسرى سائلا الله أن يفتح له أبواب رحمته، وعندما تظهر له الكعبة المُشَرَّفة يرفع يديه إلى السماء فيُكَبر الله ويحمده ويسأله حفظ البيت وأهله، ويدعو بالخير لمن شَرَّفه وعظَّمه.
◘◘◘ الطواف للعمرة
الطواف لغةً الدوران على الشيء أو المشي حوله، وشرعا عبادة يقوم خلالها الحاج أو المعتمر بالمشي سبع مرات متتالية حول الكعبة المشرفة امتثالا لأوامر الله سبحانه وتعالى وتعظيما لشعائره. وهناك ثلاثة أنواع من الطواف في الحج هي طواف القدوم وطواف الإفاضة وطواف الوداع، أما العمرة فلها طوافان فقط هما طواف القدوم وطواف الوداع.
♦♦♦ حُكم طواف العمرة
أجمع أهل العلم على أن طواف القدوم هو الركن الأساسي للعمرة والذي لا تصح إلا به، لكنهم اختلفوا في مشروعية أداء المعتمر لطواف الوداع أثناء العمرة، حيث يقول بعضٌ من علماء الحنفية وأتباعهم أنه واجب وأن تاركه يلزمه دم، ويخالفهم في هذا القول جمهور العلماء ومنهم المالكية الذين يرون أن طواف الوداع للعمرة سُنّة فقط، يثاب فاعله وليس على تاركه دم ولا إثم ولا نحو ذلك.
يُقصد بالطواف، مشي المعتمر على مدار الكعبة سبعةَ أشواط متتالية بِنيّة التقرب لله سبحانه وتعالى. وتبتدأ الخطوة الأولى لطواف العمرة من المكان المقابل للحجر الأسود وتنتهي المرحلة الأخيرة عنده أيضا. ومن قواعد الطواف أن يجعل المعتمر الكعبة عن يساره والحجر الأسود عن يمينه، ثم يستلم الحجر فيُقبّله إذا أمكن أو يشير إليه من بعيد. ويُستحب له صلاة ركعتين بعد الطواف خلف مقام سيدنا إبراهيم.
♦♦♦ كيفية طواف العمرة
يبدأ المعتمر الطواف للعمرة من مكان الحجر الأسود، حيث يقترب منه فيُقبله إذا أمكن ذلك، أو يلمسه بيده أو يكتفي بالإشارة إليه بيده اليمنى من بعيد. ثم يمشي حول البيت فيجعل الكعبة عن يساره، ثم يبدأ بالطواف حول البيت مرورا بالركن اليماني وانتهاء بركن الحَجَر الأسود الذي بدأ منه الطواف أول مرة، وبذلك يكون المعتمر قد أتم شوطا واحدا، ويلزمه أن يكرر نفس الشوط سبع مرات، ويستحب للمعتمِر أن يسرع الخطوات ويقاربها في الأشواط الثلاثة الأولى، وأن يسير بشكل عادي في الأشواط الأربعة الأخرى.
♦♦♦ شروط طواف العمرة
لطواف العمرة شروط لا يصح أداؤه إلا بها؛ أولها النية عند الشروع فيه. وثانيها الطهارة من الحدث والخبث وستر العورة. وثالثها أن يكون الطواف داخل المسجد وليس خارجه، وحول البيت وليس داخله. ورابعها أن يجعل المعتمر البيتَ عن يساره أثناء الطواف، وخامسها أن يطوف بالبيت سبعة أشواط كاملة دون زيادة أو نقصان. وسادسها الموالاة بين الأشواط والتتابع فيها دون توقف أو فصل إلا لعذر شرعي قاهر.
◘◘◘ السعي للعمرة
السعي هو المشي جيئة وذهابا بين جبلي الصفا والمروة سبع مرات بِنيّة التعبد لله تعالى بدءا بالصفا وانتهاء بالمروة. فإذا بلغ المعتمر الصفا ولاحت له الكعبة، يستحسن له أن يرفع يديه إلى السماء فيكبر الله ويوحده ويدعوه بما شاء. كما يستحب للمعتمر أن يدعو الله عند كل شوط، ويَذْكُره أثناء السعي بين الصفا والمروة.
مناسك العمرة :
عندما يعزم المسلم على أداء العمرة، وبعد أن يوفر لها كافة ظروفها ومتطلباتها، يكون لزاما عليه أن يأتي بعدد من الأمور والمسائل الشرعية تسمى مناسك العمرة. وأول هذه المناسك هو الإحرام من الميقات، فإذا تركه المعتمر لسبب من الأسباب بطلت عمرته ولم يُقبَل نُسكه، فالعمل لا يصِح إلا بوقوع النية، وبما أن الإحرام هو نية الدخول في النسك، فلا تصح العمرة إلا بدونه.
يُعتبر السعي بين الصفا والمروة من الأعمال المهمة التي لا يجب على المعتمِر تركها أو إهمالها. فبعد الإحرام والطواف وصلاة ركعتين خلف مقام سيدنا إبراهيم، يتجه المعتمِر إلى جبلي الصفا والمروة في مكة المكرمة للسعي بينهما، استحضارا لقصة هاجر زوجة إبراهيم عليه السلام، وتعبيرا عن الطاعة للرحمان والامتثال لأوامره.
♦♦♦ تعريف السعي للعمرة
يُعرِّف أهل اللغة السعيَ بصفة عامة على أنه المشي والسير والانتشار، ويُعرِّفه أهل الشرع على أنه مشي الحاج أو المعتمر ذهابا وإيابا بين جبلي الصفا والمروة سبع مرات متتالية في وقت مخصوص وبِنيّة مخصوصة هي عبادة الله، وتعظيم شعائره، والتقرب له سبحانه وتعالى.
♦♦♦ حُكم السعي للعمرة
أجمع أهل العلم على مشروعية السعي في الإسلام لكونه من شعائر الله سبحانه وتعالى، واتفقوا على أنه الركن الثالث في العمرة بعد الطواف، وحدههم علماء الحنفية وأتباعهم يخالفون هذا الإجماع ويَعتبِرون شعيرة السعي بين الصفا والمروة واجبا وليست ركنا.
♦♦♦ صِفةُ السعي للعمرة
عندما يعزم المعتمر على السعي، يكون أولُ ما يفعله هو الخروج نحو جبل الصفا وترديد الآية الكريمة: [إن الصفا والمروة من شعائر الله]. وبعد الصعود على جبل الصفا، يَستقبل المعتمِر البيت فيُكبِّر الله ثلاثا، ثم ينزل من الصفا فيمشي في طريقه خاشعا متضرعا حتى يصل إلى جبل المروة فيصعده، فيُكبِّر الله مرة أخرى ويدعوه بما شاء، ثم ينزل قاصدا الصفا، وهكذا دواليك إلى أن يكمل سبعة أشواط يقوم بعدها بتقصير شعره، فيتحلل من إحرام العمرة ويلبس ثيابه.
♦♦♦ شروط السعي للعمرة
وضع العلماء أربعة شروط لقبول شعيرة السعي بين الصفا والمروة من المعتمرين. وهذه الشروط هي أن يكون الطواف الذي يسبق السعي صحيحا، وأن تكون الأشواط التي يقطعها المعتمر بين جبلي الصفا والمروة متتالية دون فصل أو توقف، وأن يمتنع المعتمر عن إنهاء السعي قبل إكمال سبعة أشواط، وأن يبدأ بالسعي من جبل الصفا أولا وينهيه بجبل المروة.
♦♦♦ سُنن السعي للعمرة
من سنن السعي أن يُقبِّل المعتمِر الحجر الأسود قبل الخروج للسعي وبعد أداء ركعتي الطواف. ومن سننه كذلك أن يصعد المعتمر خلال كل شوط من الأشواط السبعة على جبلي الصفا والمروة وهذا خاص بالرجال فقط، أما النساء فيُسَنُّ لهن الصعود إذا لم يكن لحظة السعي اختلاط بالرجال. ومن سنن السعي أيضا أن يُسرع المعتمرون الرجال بين الميلين الأخضرين أثناء المشي بين الصفا والمروة. كما يُسَنُّ للمعتمرين عامة أن يدعوا الله بما شاؤوا أثناء الوقوف على الصفا والمروة وخلال السعي بينهما.
◘◘◘ الشرب من زمزم
من الأعمال المهمة التي يمكن للمعتمر القيام بها بعد الطواف وصلاة ركعتين خلف مقام سيدنا إبراهيم، أن يأتي بئر زمزم فيشرب من مائها حتى تمتلئ أضلاعه وينوي أثناء شربِه قضاء حاجةٍ أو الاستشفاءَ من مرضٍ، ونحوِ ذلك مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ماء زمزم لما شُرِبَ له).
♦♦♦ تعريف زمزم
زمزم هي بئر مباركة تقع في الحرم المكي غير بعيد عن الكعبة. وقد عُرِفَت في زمن إسماعيل عليه السلام عندما تركه والده رفقة أمه هاجر في وادٍ غير ذي زرع، فلما اشتد بهما العطش بحثت السيدة هاجر عن الماء بين جبلي الصفا والمروة، فأنعم الله عليهما بنبعِ ماءٍ. فأحاطته السيدة هاجر من جوانبه وزَمَّتْهُ فسمي (زمزم). وقد طُمِست معالمه، فرآه في المنام عبد المطلب جد النبي، فحُفِرت البئر في مكان النبع وسُميت زمزم.
♦♦♦ حُكم الشرب من زمزم
أجمع أهل العلم أن الشرب من زمزم مستحب للمسلم عموما وللحاج والمعتمر على وجه الخصوص لما ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم: (شَرِبَ من ماء زمزم). كما اتفقوا على استحباب شرب المعتمر من ماء زمزم بعد صلاة ركعتين خلف المقام، فإذا تعذر عليه ذلك فلا بأس في تقديمه أو تأخيره. فإن كان المعتمر صائما جاز له أن يشرب من زمزم بعد الإفطار.
♦♦♦ كيفية الشرب من زمزم
يستحب للمعتمر أن يأتي زمزم فيشرب منها لِما يشاء، وله أن يتضلع منها ومعناه أن يُكثر من الشرب حتى تمتلئ أضلاعه، ثم يستقبل القبلة ويدعو فيقول إن أراد أن يشرب للمغفرة مثلا: {اللهم بَلَغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ماء زمزم لما شرب له)، اللهم إني أشربه لتغفر لي، اللهم فاغفر لي}، وله أن يدعو بما شاء من حوائج الدنيا والآخرة. ويستحب أن يتنفس ثلاث مرات عند كل شربة، فإذا فرغ حمد الله تعالى وصلى على النبي المصطفى.
♦♦♦ فضل ماء زمزم
لماء زمزم فضائل كثيرة، فقد ورد عن النبي الكريم قوله: (ماء زمزم لما شرب له)، فإذا شربها المعتمر للمغفرة غفر الله له، وإذا شربها للاستشفاء شافاه الله. وقد ذكرها النبي مرة فقال: (إنها مباركة إنها طعام طعم وشفاء سقم)، أي أن شربها يغني عن الطعام ويشفي من السّقام إذا حسن الإيمان وصدقت النوايا. ويُستحب حمل ماء زمزم للبلاد البعيدة للاستشفاء، حيث ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل من زمزم في القوارير، فكان يصبّ على المرضى ويسقيهم.
◘◘◘ الحلق والتقصير
يُعد الحلق أو التّقصير آخر مرحلة في مناسك العمرة، والحلق أفضل للرجال، أمّا النساء فلا يشترط عليهن التقصير ولا يجوز لهن الحلق. وقد اتفق أهل العلم على القدر الشرعي للتقصير وحدَّدُوه في أقل من سنتيمترين. وبعد الانتهاء من الحلق أو التقصير يتحلل المعتمر، فيباح له ما حُرِّمَ عليه بالإحرام.
عندما ينتهي المعتمر من شعيرة السعي بين الصفا والمروة، وبعد أن يشرب من ماء زمزم ويدعو الله بما يشاء، يكون على موعد مع آخر حلقة من مناسك العمرة، وهي الحلق أو التقصير التي بعد أن ينتهي منها، يتحلل من إحرام العمرة، ويرتدي ملابسه العادية، ويباح له ما كان مُحرَّما عليه من قبل.
♦♦♦ تعريف الحلق والتقصير
الحلق والتقصير شعيرة دينية يؤديها المعتمر في الديار المقدسة بمكة المكرمة تعبدا لله سبحانه وتعالى وتعظيما لشعائره وامتثالا لأوامره وتعليماته. والحلق هو إزالة شعر الرأس كاملا وهذا خاص بالرجال فقط، أما التقصير فهو قص جزء بسيط من شعر الرأس وهذا متعلق بالنساء أكثر من الرجال.
♦♦♦ حُكم الحلق والتقصير للعمرة
اتفق جمهور الفقهاء ومنهم الحنفية والمالكية والحنابلة على أن حلق شعر الرأس أو تقصيره يعتبر واجبا من واجبات العمرة، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى في سورة البقرة: [وأتموا الحج والعمرة لله فإن أُحصِرتُم فما استيسر من الهدي ولا تَحْلِقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي مَحِله]. كما اتفق الفقهاء على استحباب الحلق للمعتمرين الرجال ولا بأس بالتقصير، أما المعتمرات من النساء فيجب عليهن التقصير فقط، ومن كان أقرعا سقط عنه الحلق والتقصير معا.
♦♦♦ صفة الحلق والتقصير للعمرة
عندما ينتهي المعتمر من السعي بين الصفا والمروة وبعد الشرب من ماء زمزم، يقوم بحلق شعر رأسه بالموسى أو بآلة حلاقة حادة والحلق أفضل. فإن لم يستطع حلْق شعره لسبب من الأسباب يقوم بقص شعر رأسه ويَعُمُّه بالتقصير، ويُسَنّ للحالق أو المقصر أن يبدأ من الجهة اليمنى للرأس وينتهي بالجهة اليسرى. أما المرأة المعتمرة، فلا تقوم سوى بقص قدر أنملة من طرف إحدى ظفائر شعر رأسها. وبعد الانتهاء من الحلق أو التقصير يتحلل المعتمر ويحل له ما كان محظوراً عليه بالإحرام.
♦♦♦ فضل الحلق والتقصير للعمرة
في الحلق والتقصير إشارة إلى استسلام المعتمر لله، وتسليم للرقاب له سبحانه وتعالى بعد حلاوة الطاعة وجميل العبادة، وفيه أيضا تثبيت للأجر ومغفرة للذنوب والخطايا مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (اللهم اغفر للمحلقين). قالوا: يا رسول الله! وللمقصرين.؟ قال: (اللهم اغفر للمحلقين). قالوا: يا رسول الله! وللمقصرين؟ قال: " وللمقصرين"). فمغفرة الذنوب إذن هي أجر هذه الشعيرة وجزاؤها، فطوبى لمن حج أو اعتمر، والعقبى لمن لم يَأذنِ الله له بعد.